الاهداء :
بعد المحاولتين المتواضعتين :
" Un professeur,en court métrage..." et “persévérance”...; poèmes en vers et en prose…
اللتان صغتهما بلغة "موليار" العذبة...
هأنا ذا، بلغة"الضاد" الجميلة و العذبة أيضا والتى بها أنا شغوفة و مولعة منذ الصغر...أقدم "أسطورة أستاذ"...و أهديها إلى كل زملائ من الابتدائ إلى المعهد 85 /87 ...إلى زملائ فى العمل...عائلتى الثانية...
إلى القراء...
إلى مهنتى النبيلة التى أعطتنى أكثر مما أعطيتها...إلى كل تلاميذى،
إلى كل الاساتذة و المفتشين...إلى روح زميلنا الغائب، الحاضر"نور الدين"...إلى الذين يستطيعون أن يسموا بروحهم إلى أبعد مما تشمل حواسهم الخمس... ليرقوا بحاستهم السادسة إلى البعد الخامس...للذين لهم أجنحة تحلق بهم فى السماء ،كلما ضاق بهم العيش على هذه البسيطة...
بقلم أستاذة اللغة الفرنسية : منصور يمينة
متوسطة بوعافية
حاسى بحبح الجلفة

إسمها, معاناتك البطيئة، آلامك وآمالك الحائرة، هواجسك المتأمرة، عندما
تصغى لصرير صوتك المتآكل معلنا حربا عليك ضروسا...تفقد الشرق و يتهاوى غرب شمسك وراء الغيوم والركام المتثاقل عليك، مثلما تهاوت ناطحات السحاب العالية...
إنه يوم كسائراْلآْيام لا تقديم ولا تجديد...لا فعل ولا تفعيل...لا صعود ولا تصعيد...لامجد لا تمجيد...لا حياة و لاموت...لاأنت ولا اأنت...إنها فقط ، زمانات اللاشئ، تتلاشى أمامك و خلفك لتثبت لك مع كل خطوة أنك الظل الذى لا تحوله الشمس و لا تبدده الظلمات...أنك العبء الذى يحمل نفسه و يتلفظ أنفاسه كلما خطا خطوة الى الآمام...فالاْعين المترقبة مسلطة عليك حتى فى الاحلام...
إنه يوم مدرسي ككل الاْيام...كتب كثيرة لا تكترث كثيرا لحامليها... قد تحتويك ولكن هيهات أن تحتويها...أطفال تضيق بهم الاقسام حتى أنك قد تلاقى أحدهم بعد حين، فتقسم بأنك لم تره من ذى قبل...أوجه ورؤوس من كل اْلاْحجام...تثير أسئلة و استفهامات وأوهام...مدرسة، أساتذة ، برامج من كل الآصقاع والبلدان...
من يجتهد ويجد فى العمل...من يعمل ولا يكل..من يزعم أنه يعمل...من لا يعمل... من لم يسمع عن العمل ...النتيجة هي واحدة على جميع المستويات و الآصعدة...لا تفاوت ولا اختلاف...
البرامج...تتجدد كل عام كيوم عيد...و كأنها أعمى فى ثوب جديد...ترى الاْعمى قد يبصر و يصيب...فمن لا يؤمن بالمعجزات فهو ليس فى الحياة...برامج مستوحاة من عوالم الجن و التحضر...من الغرب المتطور، الذى لا علاقة له مع العالم الثالث المتأخر، الذى لا يفكر...
كيف لا... و نحن هم من يحملون هم البطن، ووهن الفطن، وتكاثر الكوارث والمحن...نحن هم دعاة الخيبة...مرتزقة التقاعس والخنوع...المصابون بداء الريبة و الخضوع... لا يستجاب لقدرنا ولو كان المنادى هو " شعب أبى القاسم الشابى"...لا يرى منا سوى طيف الهزيمة و خور العزيمة...لا يسمع منا إلا صراخ الابكم الذى ينفث فى أذن الاصم فحيح العواصف و الرياح...نحن من غيرنا تعريفا فى قاموس "محو الآْمية" ليغدو " محو الآمم"...نحن من أضحت رؤوسهم ببطونهم...وراء لقمة العيش نركض فى سباق للمجانين، بعد أن هاجرت أفكارنا واستنزفت ثراوتنا إلى ما وراء البحار...لنترك حفاة، عراة فى الصحارى و القفار...
ثم ترانا نتشدق ونتملق و نتباهى فى حلل من ورق...يتصصب منها العرق... ونربط فراشات جميلات حول العنق... لكى بها نختنق...فتراها تتطاير مع ماء المطر الاسود المتدفق... بعد انفجار "القنبلة الذرية" التى انتشر إشعاعها حتى الوريد... فنحترق و نتمزق....مثل الورق... نتمزق... و نتدفق ولا أمل لنا فى خيط ترقيع أضاع ثقب ابرته الجراحية التى ماكانت لتضيع...لكي نلملم جروحنا المفتوحة، المتقرحة و المتعفنة و التى سرعان ما تهاجمها أسراب الذباب الازرق الذى اشتم اليها الطريق... فتمْلاؤها الديدان، الشاهد الوحيد على مدة ومادة تحنيطنا من زمان " أهل الكهف"، لدى الطبيب الشرعى القادم من بلاد الهند البعيدة...
منذ الاْزل،خلق الانسان للعمل...ليعمر الارض و يحتفل...ليشد الهمم و يستقل...لكن أنت أيها الثمل... تراك تغرق فى ماء دمعك المتهاطل... فتتسأل...ماذا فعلت بحياتى؟...وحياتى ماذا بى هى فاعلة؟...
فى قسمك...هل أقسمت على ولائك؟...هل تسألت ثم رضيت بحالك؟...
تصورت أنك الشمعة المتقدة التى ينير ضوؤها غياهب الظلمات و دهاليز الجهل والتظليل... لكنك تنطفئ كلما أشعلت الفتيل...فذاكرتك اللاشعورية ءالى الابد مفقودة...وهي بالهواجس وبالمكبوتات موعودة...
لماذا تراك خائب الآمل...تمشى بوجل...تهرب من الشمس ءالى الظلل؟...
قد تتسأل...لماذا أنا متجاهل؟...هل أنا من هذا العالم فاعل...؟ لا بل أنت به مفعول و بالكسر مشكول...تستفيق من النوم مذعور، تلاحقك أشباح من خوالى العصور...أنت أيها النائم المفتوح الاْعين...أيها المتوانى...أيها المتخاذل...أيها الحي الميت...أنت أيتها الروح المكبلة بالاصفاد...يا من يمشى حافيا على "سائل الماغما البركانى"...فتذوب قداماك هناك لكى تنسى الطريق إلى هنا، ولن تعود....وأنى لك أن تعود...
رسمت على درب عنفوانك قصائد ليلية، أهديتها للآْوهام ...ركبت سفينة "التيتانك" بااسم ألهة اليونان التى لا تقهر... لتشق قلب البحر... ولم تكن تدر...لم تكن تدر أنها غارقة لا محالة...سقطت فى الصقيع عند القطب بالجنوب، فتحاملت مرتعشا على قشة من عصف وغرقت... ولم تكن حتى لتجرؤ على طلب النجدة...عصفت بك رياح "المسترال" و" البليزار" العاتية فأردتك جثة محنطة فى كفن أبيض، ألبستك إياه ثلوج أعالى جبال" الآلب" القارسة...
رسمت على وجهك قصص مليون ليلة و ليلى...قصة مجنون ليلى...قصة البشر التى تبدأ بالباء و تنتهى بالشر...قصة " همنقواى" للشيخ المتحدى و البحر"...رسمت جبروت الانسان المتجبر...غروره المسيطر...عداوة بدات من عهد قا بيل و ها بيل...
أنا أستاذ كباقى بنى جلدتى...أعمل أحيانا و أتحايل أخرى...كيف لا و أنا واحد ممن يعانون اْلاْلام و ينتحرون بالوساوس والآْوهام...ممن يتقنون حياكة المرقع بالاسود إلى المرقع بخيط أرامل العنكبوت...
اْْلآْيام تتوالى وتتشابه...
يفاجئنى المفتش بزيارة البغتة...بعد ليلة ساهرة، لم يغمض لى فيها جفن، هاهو سيدى المفتش يقرر أخيرا أن يصل اْْْلآرحام بعد قطيعة طال أمدها، شاب ما تبقى خلالها من شعرى...ووهنت مقلتي و انحنى ظهرى...
قلت له : " يا سيدى الجليل...صغيرى كان البارحة عليل ولم أنم لا عرض ولا طول الليل...لذلك مذاكراتى و كتاباتى فى البيت منسية، هلا سامحت و تفهمت القضية؟" إنها فصول القدر والسخرية...إنه حظى، أن تنعتنى بالمتهاون و الصغير رغم الشيب و علة الشهيق و الزفير...
لم أتوان فى تقديم الدرس...لكنى لم أتلق أي عون من تلاميذتى المتائمرين...
ولا واحد من الخمسين هدية التى تمْلآ عادة القسم هرجا و أذية...التى أهديت إياها رغم أنفى و عيني،لا حركت ساكنا ولا اصبعا...لتكتمل المؤامرة علي، كى أبدو مغفلا مخبولا،معتوها...خمسون رأس ... لا تجيد إلا الرفس...من كل الاحجام و الالوان... هنا فقط تزول كل الفوارق الاجتماعية و يتجلى مفهوم المساواة عند " توماس جفرسون" و حتى "أرسطو"...خمسون رأس... تملاؤها الجودة "التيوانية"...عليها ضريبة الدمغة...علامة صينية مسجلة...
خمسون رأس فى أقسامي الستة، لآحصل على ثلاثمائة هدية...لى وحدى...تفقدنى ماتبقى من عقلى و تلحقنى بلحدى...
كيف لا و حشود الهنود الحمر لا تنفك تها جمك بأقواسها و أسهمها فى طوابير لا متناهية...إنها موجة "التسونامى" الكفيلة باإغراقك فى ماء وجهك الذى جفت تقاسيمه مثل أرض لم تبللها مياه غيث أو سيل طوفان...ليتجلى دور مدرستك الآمن، مبجل و مقدس...لا تسرب ولا تهرب...لا ظلم ولا مظلمة...كلنا هنا لكى لا ننجرف إلى هناك...سلسلة بشرية محكمة، مثل التى تتشكل عند النمل...لا تفصل منها حلقة...
سيدى المفتش : " إننى مصاب بداء القلق المزمن...عفاك الله...إننى تحت العلاج النفسى ... أعيش بأقراص المهدئات أعلف من حبوب "البروزاك" ما شاء الله أن أعلف...أنا مخبول إن استصغيت القول..."
لى مع المفتشين حكايات أطول من سيرة" بنى هلال"...إن كانوا يجيدون شيئا...فهو العبث بمشاعرك كما قد يكون قد عبث بمشاعرهم يوما ما... فالعملية، معادلة أو تحصيل حاصل... تراهم يتخبطون فى تحديد ماهيتهم، بعد تقلدهم لمقاليد الحكم حتى يظهروا لك عبقريتهم الخارقة التى لقنوا إياها، ثم يتفننون فى محاصرتك بأية وسيلة و الايماء لك بأنك فى الرتبة الاخيرة مع المعتوهين و القصر... من بين دروسهم التكوينية، قدرتهم على بلوغ الهدف البيداغوجى المباشر، بالتشكيك بقدراتك...بذلك يكونون فعلا مفتشين فعالين و فاعلين قد قاربوا بالكفاءات وتواصلوا معك بالرفق فى المعاملات ...إنهم يتجهالونك و لا يرونك وإن سطعت بألف شعاع كالشمس...يمتعهم دور الحاكم والمحكوم عليه...دور الاب و ابن الجيران... دور المعلم البليد والمتعلم العنيد...يمتعهم دور الجلوس على المقعد...
بعد الصفعة التى صفعك إياها أبوك... ثم معلمك...ثم أصدقاؤك المقربون...ثم...جامعتك...ثم رئيس عملك...ثم زوجتك...ثم أبناؤك...إنه البطن الدافئ الذى يحملك تسعا على وهن...ليقذف بك على بساط أحمر إلى عالمك البارد الجديد الذى اكتشفه لك "كريستوف كولمب" لتستقبل بالصفعة الآولى التي تهز أحبالك الصوتية لكي تلفظ صرختك الاولى...إنك ضيف الشرف فى هذه الحياة الشاسعة و الجميلة...بعد هذا كله...هل قامت لك قائمة ؟...بعد الحصار والتطويق والاذلال و التحديق؟
على كل من ينوى تقلدا للحكم ،معاينة نفسية عند طبيب الاعشاب " بيار داكو" أو حتى عند "مداح السوق" أيام الخميس... مثل التى أقوم بها أو مثل التى يجدرالقيام بها للجنود الامريكان الشباب بالعراق، قبل الزج بهم فى حروب لا يدركون ماهيتها ولا حتى الغاية منها مثل التى قامو بها فى "حرب فيتنام"...فينتحرون بالعشرات أو يجنون ما تبقى من حياتهم...أولا معالجة نفسية قبل أي تقلد للحكم...نصيحة طبية بحتة...
"هتلر" سيتفق معى،دونما أي شك...ذلك سيقلل حتما من ظاهرة الانتحار...و التصفية العرقية والعنصرية والحروب بأسماء ومبررات كثيرة...حتى داخل العائلات...وداخل المؤسسات...ثم نقيم مأدبة عشاء على شرف "نلسون مانديلا" يلقن خلالها درسا لللامم المتحدة مع "غاندى" الذى سيواصل إضرابه عن الاكل واعتصامه و احتجاجه ليقف نصف عار فى نصف "ساريه" الابيض...محتجا...مسالما...مدافعا عن حقوق الانسان...و الحيوان ...و الحشرات والديدان...
طبيبى النفسى...كلما قصدته،يحتكر وقتى ليسرد علي، كل معاناته...مشاكله الخاصة و اليومية...إننى أجيد حسن الاستماع...وأدفع له بعد ذلك ما تبقى لى من متاع...
هل تعلم سيدى أننى لم أكن يوما لآتواجد بهذا المكان ؟ لسبب بسيط جدا... هو أننى تخرجت الاول فى دفعتى... كمهندس زراعى...أحلم برؤوس الاغنام و رؤوس الخس والقرنب و الثوم فى اليقظة و فى المنام...ولم أكن أحلم يوما، برؤوس هؤلاء الاغنام...أقصد الاولاد...لقد فعلوا بى ما يفعل المحراث بالارض...مكانى ليس هنا...نقطة...انتهى.
هل تريد رأسى، سيدى المفتش ؟
إنها الاستراحة...كتائب من الاطفال...لها أحلامها و ألعابها المشروعة... يمتزج صخبها فى الساحة، بالبراءة والوقاحة... باللعب والانطواء...بالتحرش و الاندفاع...بالعداوة والصداقة...بالشتم والضرب و الهمس والصراخ... تمتزج باللامبالاة...باللاخوف من اليوم أو من الغد الاتى...
منذ الصغر،كنت أتوق إلى بلوغ الكبر...كانت تلون رأسى الصغير...أحلاما بطعم الاثير...مثلى مثل كل الصغار... كنت أحلم بمدرسة الجميع...مدرسة تمد اليد وتحتوى كل الايادى...حتى التى بأربع، بست أصابع...مدرسة القدوة التى تربى و تبنى لبنة لبنة حدائق لا جدران...ممرات للجميع توصل إلى بر الامان... مدرسة لا تحتاج الى تلقين للمواعظ...لان الاخلاق تكتسب ولا تلقن...تمارس فى أصغر الاشياء يهديها الكبار للصغار فى كل حين...فكلنا لم نولد ملطخى الايدى...كلنا ولدنا لنحظى بالرعاية و الاهتمام...لنتبع الخطى...ونقتفى الاثر بالعبر... كبشر، دون أن نجادل أو ننتحر...كنت أحلم أن أختار ما أحب...لا أن أحب ما اختير لى...مدرسة تبنى المجتمع ومجتمع يبنى المدرسة...كلاهما فى انسجام وتوافق ووئام...لا يخذل أحدهما الآخر ولا يتخل عنه.
كان المفتش العا بس يجيد فعلا، رسم كل التعابير السيئة و المستاءة...كان يجهد نفسه لكي يبدو مخيفا كما تخيفنى زوجتي، عندما تقترب نهاية الشهر...يجهد نفسه لكي يجعل منى ذلك البدائ الهارب من عصره الحجري والذي لم يكتشف بعد حجر الوقود ...أقحمنى في متاهات و شروحات لا تسمن ولا تغن من جوع،مثل التى أقحم بها تلاميذى...فلا يفهمون ما أقول، فهم يقولون أشياء ثم ينسون بأنهم قالوها...أو يلغى أحدهم ما قيل ممن سبقوه القول...أو يقولون لك بأنهم لم يقولوا ما أنت تقول...أو بباسطة ما يقولون،لا يقول لك شيئا...أنا رأسى يرهقنى من كثرة القيل والقال...فلا أقول شيئا...
أعزاءنا المفتشون...كل عام إلى حزب جديد ينضمون ...شاءوا أم لم يشاؤون... للندوات هم مؤطرون و للتعليمات هم مطيعون... و بما يقولون، المعلمون بعرض الحائط هم ضاربون...لما قالوه العام الماضى ناسون...وبالجديد دوما، هم آتون...برامج بعدد الالبومات المصرية...عددها، بعدد الاحجار الاهرامية...فيأخدك الذهول و من هول صعوبة الاختيار، تعجبك يطول...فتفقد مشيتك لان حاولت المشى بأرجل ليست لك...أو بلا أرجل...و لن تدرك أبدا طريقا للوصول...خاصة وأنت تقوم بطبخ مشروعك البشرى الذى يتطلب منك مائة عام، على الاقل...لينضج على نار هادئة...و بين الفينة و الفينة قد ينقطع عنك التموين بالغاز... فعليك بالحطب عند العطب ولا تقلق و تناول حبة " البروزاك" التى فى جيبك...فقد تخف شعلة النار التى تحرق أعصابك...
قلت له مكررا : " سيدى، إننى أعانى من متلازمة الارتياب المزمن..." إننى تحت العلاج النفسى...أعيش على الحبوب...أحملها دوما معى في الجيوب...
كيف لا وأنا الذى يعانى الامرين : هم المدرسة و هم زوجتي التى تريد كل ما تملكه، جارتنا العزيزة،زوجة المقاول...تريد مثل حليها الذهبية...مثل أثاث صالؤنها...مثل تلفزيونها الكبير الحجم...مثل نقالها...مثل...أتدرى ماذا قلت لها يوما ؟ قلت لها : " الا تريدين زوج الجارة بالمناسبة ؟ " حتى تكف عنى الاذى والمزايدة....
كيف تجرأ هي أن تقارنني ، أنا، خادم العلم الفقير إلى مولاه مع جاهل لم يدخل قسما من أقسام محو الامية والذى يتباهى بسيارته " القولف سيرى 5 " ذهابا و إيابا ؟...دعوات أمه كان لها المفعول المادى و المادى...فلا سهر الليالى ولا تعداد النجوم و طلب المعالى...مثلى...
عن حديث السيارة...أقول لزوجتى التى تعانى من البدانة المفرطة...لا علاقة لذلك مع أي تغذية إضافية محتملة، أقسم لكم برأسها...الامر وراثي، جيني... فحسب،كما فى قلقى و كآبتى...أقول لها بأن المشي مفيد لصحتها...لأكوام شحمها و قلبها...لكنها لا تفهم لغتى...و تنغص علي عيشتي...هي تلعب معى لعبة قد تقتلنى قبل الاوان ...فلن تحظى بحتى تقاعدى...أنا أكلت عقلى وهي أكلت قلبها...
الحياة ما هى إلا لعبة كرة فى ملعب، إما أن تسجل...وإما أن يسجل عليك...وإما أن تتعادل...أنا كنت واحدا ممن لا يتقنون، لا هذا ولا ذاك لآن الحياة أقصتنى تماما بالبطاقة الحمراء...خارجها...
سيدى...هل تريد قرصا مهدئا من أقراص "البروزاك" العجيبة؟
هل تعانى من مشاكل فى الراسب...أعني الراتب...سيدى ؟
إنها نهاية الشهر...الكل يترقب دخول العزيزة على الجيب كما يترقب الصائم هلال العيد... أو المشتاق عودة الحبيب...بعد الوقت المستقطع و الوقت الإضافى المطول...تدخل الشهريه المربية، فترى الابتسامة ترتسم على الوجوه المنسية...ومن الغبطة ما تحمله الرسائل النجمية، على الجوال المتفائل..." راها دخلت"...
مادة "الدوبامين" التى يفرزها المخ عند الاستماع لمقطوعة موسيقية "موزارية"...أو الاحساس بالسعادة الابدية...ذلك هو المفعول السحرى للشهرية رغم الرعب الذى يحدثه المعلمون بمكاتب البريد والسخط على العمال و التنديد و الوعيد، فالكل يسحب نقوده فى ذات اليوم...إنه يوم السحب الذى يدخل "كتاب قيناس للارقام القياسية" مثله مثل يوم الشجرة...يوم العلم...يوم الطالب...يوم المعلم الذى ضاع فى سباق " رالى باريس/ داكار" فى " الربع الخالى" و صحراء " النيبال" ...
ولكن...سرعان ما تغادر الابتسامة الوجوه مثلما الشمس تغادر فى المغيب...تتبخر الفرحة الزائفة و المزيفة ليحل مكانها الاستغراب و الارتياب...من سرق منى أوراقى المهلهلة...من سلبنى آلافى المدللة ؟
إنهم هؤلاء التجار...مصاصو الدماء الكبار...لا يفتأون يغالون فى الاسعار، كلما زاد الراتب المنهار سنتيما حير الجار...هؤلاء معفون...لا رقيب عليهم ولا ضريبة... أعينهم علي حريصة، رقيبة... الاخرون إلي يشيرون و فى ظهرى يطعنون...وكأننى أنا السبب فى غلاء المعيشة...فالكل يلعن ذلك المعلم المسؤول عن تدهور القدرة الشرائية وغلاء حتى البصل و الفول...ويعلم الله أننى دافع للضريبة...مقايض حتى أسنانى المتبقية للمشعوذين و الدراويش و وبائعى " التبغ و الحشيش"...
أمى تقول لى : "المهم أن تعيش بكرامة"
هل الكرامة هي أن أعد دنانيرى الحديدية المتبقية قبل اكتمال الهلال...أم الكرامة ان يثقل كاهلى بالديون وأحنى رأسى أمام الكبير و الصغير كالمعاقب أو الملعون؟
سيدى...هل لديك جنون...أقصد...ديون ؟
حتى مركز التعويضات..."الكازورال" تزيد من جنونى و تقرب أجلى...مراقبة طبية... فىكل مرة...وكأنه ليس مكتوب على جبينى "أستاذ...مريض عقلى"... أستجدى العون...أطلب الصدقة مثل المتسولين...أدخل مريضا، مبكرا ثم أخرج متوعكا، ملتهبا، موجوعا، مصدوما، مرتفع الضغط و السخط، متأخرا...أنفخ مثل قطار يمشى بالفحم... أعد أنفاسى وأكلم نفسى...وأعد قطع النقود المزرية...فأكاد أجهش بالبكاء كالاطفال...من هول احساسى بأنى " اللاشئ"...اللاشئ الذى يجر روحه...ويتقيأ أمعاءه فى كفه...و يقتلع قلبه ليرميه للكلاب التى تنبح ولا تعض...قصرا...فلا جدوى من هكذا حياة...ووحده الموت... يعيد الكرامة و الحياة...
الموت...قطرات من الافعى السوداء تنقلك إلى السعادة الابدية...مدرستك... جارك، زوجتك، رأسك...
أصبحنا كلنا نباتيين فى البيت، أقول لللآولاد إن اللحم يضر بالصحة و يسبب أفتك السرطانات...فترانا نصبح رغما عنا للبيئة حماة، لا نأكل ولا نفتك بالحيوانات ...نساهم مع "السلام الاخضر" فى مقاومة "اللحوم الحمراء و البيضاء و كل مشتقاتها... نقاوم كل أنواع التلوث...المادى والمعنوى والفكرى...
فى العيدين نحظى بزكاة المقاول المحظوظ...مرة أو مرتين...نجدد فيها مادة "الهيموغلوبين" و نبكى على الاطلال...على صبا الايام ، على رغد العيش تحت كنف الاباء و الانعام...
أحيانا ينتابنى شعور بأننى لا أساوى حتى قيمة علبة "سردين مصبرة" فاتت مدة صلاحيتها وردمت تحت الغبار...ونسيت على رف دكان...
هل أنت من دعاة أكلى الهموم...أقصد اللحوم، سيدى المفتش؟
أرجوك سيدى...يجب أن تتفهم وضعى...إننى أعانى...أنا مستاء و متوتر و قلق...
مما؟ من كل شئء و من لا شئء...المفتش...غضب منى جدا...كاد أن يلحق بى الاذى الاعظم لولا حبوب المهدئ التى كانت بحوزتى...
أضحكنى وأنا الذى فارقنى الضحك من أمد...أضحكنى عندما نصحنى بأنه علي أن أكون منظما...ملتزما...عطوفا على التلاميذ... وهو الذى كان أقسى من زوجتى علي...لا علينا...الكل يحاول لعب دورما...هنا و هناك...
إنه يوم الامتحانات... الكل فى المدرسة على أهبة الاستعداد وكل شئ يسير على قدم و ساق...كما فى أي مدرسة عادية...
ترى هذا واقف أمام الباب مستنشقا أنفاس سيجارته، لا يأبه لما بالداخل...لا شك أنه يقول فى قرارة نفسه : "ما الجدوى من حراستهم...مادام الكل يرتقى...الهندي و السندى و البدوى و الحضرى و الذكى والغبى ؟" الكل يستدرك مالن يدرك...مصطلح غربي احتياطي المفعول...يدخل مكان الإعادة و الإستفادة ...
ترى ذاك حاملا أوراق امتحانه،يصححها...مستفيدا من الوقت الذى قد يضيع...للذين يدركون قيمة الوقت...فالوقت من المال والمال يعطي الوقت...الدكان ينتظر...هنا تظهر كل براعة االمعلم فى ربح الوقت و عدم التوانى فى إيجاد الحلول البديلة، للحيلولة دون أي عجز مادى محتمل...للذين يعرفون من أين تؤكل الكتف.
ترى الاخر، حنونا يشفق على التلاميذ العاجزين...مؤمنا بضرورة مد يد العون...والله لا يضيع أجر المحسنين...
اما الاخر فهو ممن بهم "هوس كرة القدم"...يقرأ جريدته المفضلة و لا ير إلا حبر كلامها و ألوان صورها...ماذا فعلت بنا كرة القدم؟ لم يسلم أحد...لعبت بنا الكرة أشواطا سيخلدها التاريخ فى حروف فى المريخ...
حتى أنا لا انكر أننى من الهواة...اشاهد كل البوطولات...كل المقابلات...فكرة القدم هي هوسى الاول...تنسينى حتى أبنائي...أنسى بها أقراصى المهدئة...أنسى العالم من حولى...أنسى مرضى و كل كآبتى...أنسى حتى المدرسة و أمى...أستجمم معها سجائرا من القاتلة وقهوة من الثقيلة الفاعلة، لاستمتع بذبذبات "الادرينالين" تتصاعد بقوة ثمانية على سلم " ريشتر".
تحولت التصفيات لكأس العالم إلى حرب إعلامية...كثر فيها العجن و العلك...كما لو أن المقطع مستوحى من سيناريو فيلم "الحريق" أين نساء "دار سبيطار" يفرغن ما بجعبتهن فى بعضعن البعض... فى أبشع الالفاظ و أنبذها ليعبرن عن يأسهن و معانانهن...حتى كاد القلم و اللسان يصبحان رشاشا يهز الابدان فى لعبة غاب فيها العقل من الصغار إلى الصغار...و غابت قيم مهنة الصحافة التى لها الولاء و الاعراف... حين كان أولى بها علاج الهم الذى يبكى و يضنى...لا الهم الذى يضحك و يزرى...مسرحية هزلية لعب أدوارها مثقفون من مدارس العالم الثالث هم متخرجون...وكان جمهورها من الصم البكم الذين لكل شئ يصفقون ...
حتى الاطفال، لا حديث لهم إلاعن الكرة...إعجابهم باللاعبين لن يرقى إليه،لا أستاذ و لا والد...إنه سحر الكرة التى جعلت الاطفال يحفظون النشيد الوطنى ...و بأي شغف وأي إحترام...بأي حب للالوان التى رسمت فى كل القلوب بالاحمرو الابيض و الاخضر...لتستفيق تلك الروح الوطنية النائمة فى كل الانام...
نامت... لكنها لم تمت أبدا... ولا للحظة...إنه حب الوطن... مرسوم فى كل القلوب بذات الالوان و ذات الايمان... وما عجزت عنه المدرسة...قامت به الكرة...إنها المعجزة التى تجمع الاسود مع الابيض...والمستعمر مع المستعمر...و القاصى مع الدانى...و الغنى و الفقير...إنها لغة الفقراء التى يفهمها العالم بأسره...لغة النسيان حتى إلغاء الذاكرة من قاموس الالم والمعاناة...إنها السحر الازلى و الحب حتى الجنون...وللجنون عباقرة و فنون...لم يسلم أحد...ولا حتى أمى... فالتحيا الكرة...
و ليحيا الوطن...
أنا ماذا أفعل؟...بالله عليكم... إننى أحرس...
أعود إلى البيت لاجد بعض الراحة و السكينة...هاهي زوجتى العزيزة، لا تكل ولا تمل فى الحديث عن الجيران وكل الاخبار تأتينى من مراسلتى الوفية لمكانها أمام شاشة النافذة...مع أدق البيانات والتفاصيل...
أتوق إلىالخلوة بنفسى...لابتعد قليلا عن الصخب والضجيج المدجج بالبشر المتاهفت...المتكالب على مواد الحياة الدسمة...ينهل منها بطونا تملاؤها الدهون والشحوم...ينهل منها زمانا ضائعا فى الركض وراء صغريات الامور...وإن كان بامكانك وضع العالم تحت المجهر...لرأيت أنه، يملآه أطفال بدينون، مدللون...تركوا وحدهم...يعبثون...أطفال صغار فى أحجام الكبار...يلعبون ألعابا محضورة...بلون الدم مولعون...أطفال لآٌفلام الرعب هم مخرجون...منهم من،من شدة الخوف يضحكون...و منهم من، من شدة التخمة يموتون...أطفال ضائعون...يلعبون...
لعبة من يأكل أكثر...ليجعل من بطنه، أكبر مقبرة للحيوانات المهددة بالانقراض...من يقتل أكثر...ليحصل على جائزة "نوبل للسلام"...من يفسد أكثر...ليترأس "منظمة حقوق الحيوان"...من يلوث أكثر...ليكون "شيخ مجلس الشيوخ" فى واحد من البيوت البيضاء النظيفة و الكثيرة التى يملاؤها دخان المدفأة العتيقة والتى يملآ خزانها "البترول الاحمر" ...بقايا سوائل بشرية...قابلة للاستعمال أكثر من مرة...
مدارس الغرب تحولت ساحاتها إلى حلبات لكل أنواع العنف...تحول تلاميذها إلى نازيين...وسفاحين يقتلون بعضهم بالجملة...هم من يعالجون النفوس... من الشر والعبوس و يملآوون المكتبات والمواقع، بالحلول السحرية لكل أنواع الامراض النفسية... وإن اختاروا الحد الحاد من التكنولوجيا فهم دوما يعالجون... ورغم المآسى و المشاكل يبحثون...لا يتراجعون...ينقبون...يزرعون و يحصدون...
ويوردون لنا الطرق و الصيغ... البرامج و القطع...هم أهل العلم والعمل... من أثبتوا حتى جدارتهم فى بيعهم لسراويلنا بالعملة، والمصنعة بمشتقات بترولنا المباع بالجملة...هم من يبيعوننا الداء و الدواء...السم والمصل...الحرب و السلم...
أما نحن...العالم الثالث...لسنا بحاجة حتى إلى مدارس...لآن أبناءنا لديهم من العبقرية و حسن الاداء والكفاءة، ما يجعل منهم : المقاول...والرياضى...والمهاجر...ومن يحرس على جدار مستقبله المبني بالاجور الاحمر من المتخرجين الذين أخرجوا و المجازين الذين جازت عليهم صلاة الغائب فى جنازة... ومن يبيع أنواع الحشيش، من الزعتر و الزنجبيل إلى التى يحلو برفقتها العيش...إنها مدرسة الحياة التى لا يستهان بها...مربية الاجيال الصاعدة والواعدة...فلسنا نصنع و لسنا نزرع ومن الصين نستورد و ننقع...نستورد كل ما يتعطل و يتقطع...وحتى من الهند نتبضع... وللوقت لا نضيع...فأيدينا كالحرير تلمع...وبطوننا لا تأكل ولا تشبع...
منذ الان أخطط أن يصير أبنائ مثل جارى...مقاولين أو رياضيين...
عندما أكون بغرفتى مع نفسى...أفضل مشاهدة الحيوانات فى التلفزيون...تدركون لماذا؟
لان الحيوانات لا تصاب بالجنون...باستثناء البقرة المسكينة التى غدر بها الانسي المتحايل حتى على الطبيعة، ليجعل منها، الحيوان النباتي المجتر...حيوانا لاحما يمارس رياضة "كمال الاجسام" ...إنه الانسان...من غيره ... هذا العبقري المستعد حتى ليزاوج بين القردة و الانسان...ولولا أن خاب مسعاه فى ذلك...لكان من القردة من يهزأ بى الان...فلا "داروين" و لا " انشتاين" بعد عودتهم من أدغال الامازون و "هيروشيما " و "شرنوبيل" بقادرين على فك "شيفرة الحاسوب البشرى " و ايجاد "كلمة الدخول" إلى تلافيفه المخية المعقدة...
لماذا هذه القدرة الهائلة فى بنى البشر للاذى و الشر...؟ لماذا القدرة على الدمار و التدمير...لماذا حتى من نور العلم، لا نخرج إلا الظلام و الالم و التقصير...؟ لماذا فى رحم الارض لا نزرع سوى الاشواك...لتولد ضوارى الوحوش و تسيطر فى كتائب من جيوش تسعى للهلاك... المغتصب...الظالم...المتجبر...المتعالى... الجاحد...ذلك الذى قد يحسب نفسه، أنه يعمر...لا يزول ولا يندثر... خالد لا يموت ولا يقهر...لكن هيهات... فالزمن بالمرصاد، وراء كل الكائنات ما نسى و لا فات...
فا للزمن باع فى إخضاع مواجعك...له باع فى اللحاق بك مهما أسرعت...له باع فى الكشف عن ملفك السرى المدفون مع عمق أحلامك...الزمن...يكشف عن شيب أفكارك...عن زرقة سمائك التي سقط منها قرص شمسك الاحمر على رأسك، لانك كنت تعانى من الصلع و لم تبق برأسك شعرة واحدة تحميك... الزمن يكشف عن ظلمة قبرك المحفور على الربوة المنسية...
وللزمن هوايات...مثل التى تلعب على الهاويات والحواف الحادة والحافات...هواية شد الجزر والمد...هواية الندم على المستقبل الذى مضى و الماضى الذى لم يشهد له مستقبلا أبدا...وبينهما حاضر غائب...حاضر هارب...حاضر يعانى الام المخاض العسير...لا مولود ولا عويل...
للزمن أسطورة تروى لك قصائد مأثورة ...قطعت بيوتها التي غرقت فى بحر الرمل على وزن مفعوعلات...مغتولات...مقتولات، دفنت قوافها الآهية مع لوحات البيان و صور الجناس وبدائع الحسان...قصيدة مرهفة كنسمة ليل صيفى، تروى حكاية السنبلة المحنية التى لم يهزها النسيم من هول ما تحمل بين أضلعها من حب أثقل كاهلها...لكنها لم تنحن لا ذلا و لا مسكنة...
إنها أذن "فان غوغ" التى قطعها...احتجاجا على الالم...ألم أعمق من ألم الاذن...ثم رسم له "بورترى" يحكى حكاية الاذن...حكاية الالم...
للزمن ساعة معلقة على الجدران، تمشى باانتظام... أظن عودها من نبات الخيزران...عنيد و مطاطى البنيان...عاشت مع انسان...له فى اللسان عذب الكلام و بليغ البيان...لم يحظ بدقاتها إلا فى المنام...لان عقاربها كانت موقوفة...وأرقامها كانت رومانية مكشوفة...هي بقيت تدق...حتى فى المنام...كلاهما مؤمن بلقاء فى الاحلام...وهل هناك أجمل من ساعة تدق فى عالم النسيان ...؟
للزمن قصص تحكى رحلة الوحدة العذبة المستأنسة بوحدتها...رحلة الالم و الامل...رحلة من يحيا مع الاموات...ينام بين أحضانهم...يحلم معهم...يقضى ليالى سمر برفقتهم، محتسيا إبريق شاي بارد...يحكى لهم حكايات المقابر الجماعية التى لا تحمل أسماء...والتى أرواحها لم تنم...لان جلادا يحوم بالجوار يقطع الاطراف بالمنشار...ولا يكترث لتلك الايدى الصغيرة المتناثرة أصابعها الغضة و البيضاء هناك و هناك و هناك...
للزمن فن تجريدي، يرسمك بحبات الرمل التى تذهب في مهب الريح، يرسمك بحبات الندى التى يرتشفها أول شعاع لشمس الصيف الباردة...يرسمك زهورا للاقحوان والريحان تذبل مع الغروب الاصفر الشاحب المهيب...إسمها لوحة التجريد...
للزمن جنون...هل كان قيس يدعى الجنون كي يخفف عنه حكم المنون؟...من لم يكن يوما مجنون... وفى قائمة المجانين كثيرون...هناك
الاغنياء الذين لا يجدون وحدة لقياس ثرواتهم إلا بالكيلو متر المربع...الاغبياء الذين يطلقون أخر نكتة على موكب جنائزى...دعاة الرفق بالانسان الذى يرمى بنفاياته فى اليم ويقطع زعانف القرش ليعالج كل أنواع القصور لديه...الذين يسلمون بكل ما يشاهدون فى التلفزيون...وما فى الجرائد يقرأون...الذين تغيرهم الاشياء، وهم لللآشياء لا يغيرون...المدعون...المنافقون...الجبناء...المنحازون والمتحيزون...المتكبرون...والهالكون لا محالة بشر المنون...
وهناك المحرومون...المعاقون...المكفوفون...المعميون...المقهورون...المغتصبون...المهزومون...المهزوزون...المشردون...المدمنون...الثائرون...الحائرون...الذاهبون...المحكوم عليهم بالجذام...بالاعدام...المتعجبون بلا استفهام...المنبوذون...ضحايا الحوادث و الزلازل و ضحايا القنابل و المجازر...سبايا الحروب...أطفال الحجارة و المقابر... العلماء...الفلاسفة...الشعراء...الاساتذة...المرضى مثلى...
غدا...يوم آخر...كما تقول أمى...
هاهو المديريدخل القسم المكتض ليوقف سيل الهذيان الذى يجرفنى إلى البحر الميت...لم يجد طريقا إلى مكتبى فالقسم محاصر...أشار إلى بفتح النوافذ و نزع عن هذا قبعته و عن ذاك شعره و أمر أخر بقفل أزرار مئزره المفتوح...وكأن عمليات الفتح و الغلق و الحلق ستغير شيئا من حالى أو من حالهم...
...لا علينا...علي بقرص المهدئ...
نجتمع اليوم لعقد مجلس تأديبى لابنة فلان و التى تعيد السنة للمرة ال...قد أتقاعد قبلها، الكبيرة... العملاقة لونت عين أستاذ العلوم بلون النشا فى "محلول فيهلينج"، بعد أن وجهت له لكمة " تايزونية" بالعين اليمنى... و بعد التقرير الطبى والمعاينة الطبية...قرر المجلس إلغاء التقرير و رميه فى المهملات، لان الاستاذ المسكين، الضعيف البنية، أكبر من أن يقحم فتاة تكبره طولا بثلاث مرات و هوالذى يكبرها بثلاث أخرى، سنوات فى دعاوى و متاهات...إذا التكافؤ الطبيعي يصلح ذات البين، بين الاثنين...و على ما كان يبدو فالاب من ممارسى رياضة " التاي كواندو" اليدين بالجيبين...
المشكلة فى الرأس التى أحمل...تؤخرنى مع السلاحف و الكسلان...إنها رأسى البشعة والمنبوذة حتى من الضباع...لو كان فقط بامكانى التغيير...لاخترت لنفسى رأس شهير أو رأسا من الرؤوس الكثيرة التى تحسن التدبير...قد تكون جواز سفر وورقة تأشير...يمنحانى حق المرور والتمرير...لكن رأسى على كتفي قابعة،لا تفارقنى وكم علي تكثر التعكير...
عندما تقف أمام مرآتك...وعندما لن تر انعكاس وجهك البغيض إليك، حينها ستدرك بأنك سرقت... أو أن سحنتك القبيحة تعبت منك فقررت أخذ إجازة مفتوحة لترتا ح من تذمرك و احتجاجاتك المبالغ فيهما...وهنا ما عليك إلى البدأ بخوض المغامرة...ستبدأ رحلة البحث و التنقيب عن وجهك فى المحيطات و خلف الكثبان و الصخور... فى أعالى الجبال و القبور...وستفعل مثلما فى القصص بالضبط...
بعد ربط الجأش و حزم الامتعة...انطلق...
لتجوب غابات الساحرات الشريرات...حاملا معك قوس الشجاعة...و سهم المناعة...أولا عليك قطع سبع رؤوس ضفادع...تخيطها فى عقد بدودة القز، تعلقه حول عنقك...لجلب الحظ السعيد...ثم عليك اقتفاء أثر راهب "الشاولين" ليقودك إلى معبد الفئران المقدسة...لتتناول معها لحم الافاعى النفاثة و القردة...ثم تقتلع ما تبقى من شعرات رأسك واحدة تلو الاخرى و تبتلعها مع ماء مثانتك المقطر...ثم تقدم بنات أفكارك مع بصلتك السيسيائية، قربانا لتمساح مستنقع "الخمس نجوم" والذى ستمضى فيه سباتك الشتوى فى انتظار حلول فصل الربيع... لتعود ممتطيا صهوة وحيد القرن الابيض، الاخير من فصيلته...رافعا الراية البيضاء...تدعو بها العالم للسلم و السلام...عندها تكون قد حققت البطولة و بلغت الرجولة ودخلت زعيما فى صفحات كتاب " الاخوة غريم"...
من يدرى قد تستعيد وجهك...مصححا بشفرة عملية تجميلية...تشد جلد وجهك المترهل من قلة النوم...وتنفخ شفاتاك المتدلياتان بمادة "الكولاجان" حتى تبدو كدمية متعجبة، مصابة بالذهول ...لا ترتسم عليها أية تعابير...ورغم كل الحقد الذى تحمل لوجهك هو سوف لن يتخل عنك أبدا...ولن يقبل بأى تزييف أو تغيير...
إن كان جبنك المتعفن لايزال يتأكلك...فاغلق عليك الباب الحديدي بالمفتاح و اقبع بغرفتك المريحة تنفث سيجارتك و تقرأ جريدتك و تتلذذ ببن قهوتك الثقيلة...بلا سكر...
رغم التعقيدات فى مركز التعويضات، قررت الخروج فى عطلة مرضية مدة شهر...عطلة آخذها من المدرسة...من زوجتى...من أبنائ...من أمى...من العالم...من الحياة لو استطعت...
أقضى العطلة فى أعمال التصليح لآغطى بعض المصاريف و دورات المشي فى الصباح الباكر...للتخفيف...كما علي تسديد كل الفواتير المتراكمة...
بعد العشاء الطيب الذى أعدته أمى ...أجلس لاشاهد الاخبار...دماء...آشلاء...زلازل... مجازر...فياضانات...قتلى...مشردون... وهلم جر...سيناريو نهاية العالم كلما فتحت صندوق العجب...وبالالوان.
هاهو ابني يسرد علي مدرسته : المعلمة الغائبة فى عطلة أمومة لآنها تنتظر أختا لآطفالها الذكور السبع، المسكينة لم توفق... هذه المرة إن شاء الله قد تكون بنتا ينتهى اسمها بالتاء المربوطة...آه زميلاتى العاملات، العزيزات...يحيرننى ...لن أفهم أبدا كيف يقدرن أن ينسقن بين المدرسة و مسؤولياتهن فى البيت مع عدد الآطفال الذين ينجبن...يجب الاعتراف بأنهن أقوى منا...أشرس منا...يقمن بالكثير من حسن العمل والتدبير...إنهن بارعات لكن لا نعترف لهن بذلك...
ماذا بهن النساء العاملات ؟ هناك منهن حـتى من يقتسمن رواتبهن مع ...أزواجهن... زوجتى تقضى أوقاتها فى مراقبة الجيران...لولا أمى لعمت الفوضى فى بيتى... زوجتى هي هدية أمى...ما يفسر إحساسها بالذنب وحملها للعبء...كنت أحلم بزوجة تعمل...تحب كرة القدم...تناقشنى فيما عدا الجيران...تفهمنى ولا تزيد من توترى وهمى...زوجة تساندنى، تكون الظل الذى يتبعنى...
اشتكى لى ولدى من درس الرياضيات المبهم والذى لم يفهم وسرد علي مالم أفهم إلى استدعاء الادارة ...فصرخت فى وجهه و أجبته بأنه ليس لدي أي استعداد لا لللاستماع إلى مواضيع المدرسة ولا للذهاب إليها... وإلا لما العطلة ؟ لعبة ولي التلميذ لا تروق لى البتة....أسكتته و أمرته بالنوم...فرأسى سينفجر من القلق...ومن الضغط و من الارق...
العبقرية الفذة لللانسان...بعد اكتشافه للنار و كل أدوات الصيد التى بدأ يصطاد بها الحيوان قبل أ ن يطورها ليصيد بها أخاه الانسان...جعلته يخترغ مصطلح المقياضة ثم الاقتصاد لكى لا يتوقف عن الصيد و الاصطياد...اخترع النقود المدورة و المقعرة، مصقولة من كل المعادن... لمن لا يملكها مدمرة...الغاية منها اختراع عالمين...عالم المالكين و المملوكين...عالم الاسياد و الرقيق...عالم الكبار و الصغار...قطع حديدية...أوراق نقدية تحمل كل النجاسة و الجراثيم ...تجعل منك ما أنت عليه أوما لست أنت عليه...ترفعك إلى الاعالى أو ترمى بك إلى الجحيم...
الفقراء كانوا وسيظلون فقراء، لياشاهدوا كل الآغنياء يموتون من "التخمة"... الفقراء يعانون ليس من شبع الاغنياء بل من سخر السخرية عليهم و تآمر الاقدار التى أخرجتهم من محافل الحياة... ليمكثوا ممثلين ثانويين فى مسلسل بعنوان :" هم و الاخرون"...
قررت هذا الصباح أن أمشى...أمشى مع نفسى...فقط أنا و أنا...أمشى من أجل قضيتى...أمشى حافي القدمين...أمشى حتى اللانهاية...حتى المجهول...حتى العدم...أمشى فى صمت الاشياء والالم...أنزع عنى ثياب القهر و العياء...أصب ألمى على الاسفلت...أتدفق كالماء على الطريق الطويل... مستسلما للفحات النسيم على وجهى...مقبل غير مدبر...غير مرتد إلى الخلف الذى يؤرقنى... أمشى فقط إلى الامام...أمشى...أمشى...وأمشى...
للمشي حسنات أبلغ من كلام الطبيب النفسي و أرخص من الحبوب التى أتناول...وإن صودرت رجلاك وتخلتا عنك في مكان ما، فاعلم أنك ستكون غاضبا جدا...ثائرا جدا...وحيدا جدا...
بعد أن مشيت و رميت بحملى على الطريق، عدت إلى البيت، آملا فى استكمال التنفيس...هاهي زوجتى العزيزة، لا تكل و لا تمل من الحديث عن الجيران...نصوص وصف و سرد وحجج...فأصاب بالغثيان و أركض إلى الحمام...
أحيانا...أتسأل...لماذا نقحم أنفسنا بالزواج ؟
هل لآننا نخاف من النوم بمفردنا، فى الليل ؟
هل هومن أجل الحفاظ على السلالة الآدمية المهددة بالانقراض مثل الحوت الازرق؟ هل هو من أجل أن نقضى حياتنا مع أموات لا يحسون حتى بأننا موجودون ؟
هل ذلك من أجل أمهاتنا لكى لا يغضبن علينا ويرضين ؟
أم هل من أجل المجتمع الذى سينظر لنا بأعين مستغربة و متسائلة ؟
أنا أقول بأن الاستاذ الذى سيعانى من أي عنف مادى و معنوى من طرف زوجته...لا يحق له الزواج...
أمى تقول لى دائما :" هناك دائما أمل ما دامت هناك حياة يا بني"...
حياتى اتخذت لى مجرى من دون أن تستشيرنى...
أمى ستظل ذلك النبع الذى لا ينضب...قوية بما عانت، فالحياة لم تهدها الا ملآ علقمها...لها نظرياتها و استقراؤها للَلآمور تضاهى بهما "سقراط و بيتاغور" كانت الاخرى تملك قطعة أرض موروثة من عبير الجدود مبعوثة ...أرادتنى أن أتعهدها بالرعاية والحماية و زرع ثراها أشجار زيتون و تفاح و كروم...لكن زوجتى كانت للمد ينة مختارة...وكنت موافقا، أنزح عن الربح لجني محصول الخسارة...
مالذى أبعدنى عن أرضى و عرضى لكى أجد حالى فى شقة فى الطابق الخامس، تطبق على أنفاسى...؟ ماالذى جعلنى أحمل أمى عبء التنظيف من الجارة التى تمطرنا بالقذارة...مالذى يجعلنى أصرخ بوجه أبنائ لكى لا يقفزوا فوق الجيران لان للجيرة حرمة...لو كنت بقيت هناك و لم أنزح إلى هنا، لكانت أمى بأرضها معززة...لكان أبنائ بالصحة ينعمون، يلعبون و يمرحون دون عتاب و لا لوم...
لكنت استغنيت عن الدواء كلما استيقظت فى صباحات الريف على سمفونيات العصافير و إشراقة الشمس الضحوك كالملوك...أهازيج الافراح القائمة، كلما حل الربيع يحمل باقات الفل والياسمين و يسهر فى ليال السمر، يرسم بالنجوم لوحات للقمر "تخلد ابتسامات كل الموناليزات" ...لو كنت بقيت لكنت الان من الاحياء لا من ظلهم...
لكن نحمل القدر فشلنا و سوء رؤيتنا و مخاوفنا... لنجعل منه الذريعة للاحباط الذى يسدل على عيوننا، غشائه الليلى...فلا نبصر حتى بالنظارات...

آلامك...آمالك...فى موتك مختصرة...
هلا فتحت نوافذا لحياتك المحتضرة...
هلا رسمت لوحة أحلامك المصغرة...
هلا جمعت كتابك...أوراقه المبعثرة...
هلا أقمت مراسم مولدك... بمقبرة؟
لكي ترى...
آلامك...آمالك...فى موتك مختصرة...
من ذا الذى من الاعماق يبعث صوتك كالانين...
من ذا الذى يسلب منك بلسم الجرح الدفين...
من ذا الذى نصب و صاد حلمك...فى كمين
من ذا الذى قتل فيك كل زمانات الحنين ؟
لكي تلين...
آلامك...آمالك...فى موتك مختصرة....
كم من صحارى الارض قد كنت تجول..
حافي الاقدام... تدمى، معهود الذهول...
كم من حزين اللحن... قد كنت تصول...
جبت أقصى الارض...تحلم بالوصول...
كي لا تطول...
آلامك...آمالك...فى موتك مختصرة...
ترسم بريشتك الزرقاء... لونا للسماء...
ترسم بالاخضرحقلا زاهيا ما جف ماء...
ترسم بالابيض عرسا وعروسا و غناء...
تستفيق بالاسود راسما... كل أعباء العناْء...
و تروى بالدماء...
آلامك...آمالك...فى موتك مختصرة...
قصتك المقروؤة تحت ضوء الشمعدان...
سألت عنها العالم وكل قارئات الفنجان...
وقصدت المنجم و النجوم وأصحاب البيان...
لتعرف يوم خلاصك... يوم مرتقب الاوان...
تطلق له العنان...
آلامك...آمالك...فى موتك مختصرة...
رحلتك...حين نسيت اسما لك على الحدود...
ونسيت حذاء مشيتك...وجواز سفرمرصود...
حين نسيت...أمتعة وأوراقا بعثرها الجنود...
فأقسمت على العودة ... مرات...فهل تعود؟
ولن تعود...
آلامك...آمالك...فى موتك مختصرة...
ضوء القمر...كم من ستارعليك قد أسدل...
شعاع الشمس أحرق لون وجهك المدمل...
فلم يبق لعينيك ، الا النظر إلى الاسفل...
ويصعب على المطر المهطل... دمع عينيك إذ يرسل ...
لكي تسأل...
آلامك...آمالك...فى موتك مختصرة..
قد كنت ترصد صبح ليل قد يطول...
والصبح يكشف عن هموم لن تزول...
الليل يمضى وبعده الصبح المهول...
والوقت يمضى، ماسحا عبق الحقول...
لكي تطول...
آلامك...آمالك...فى موتك مختصرة...
أسطورة خرافية، رسمت دربا للاوهام...
وجادت من سنا الصبح،رؤى ترنو إلى الاحلام...
وحاكت رحلة الدهر...بخيط الدمع والالام...
فلم تفهم لماذا الركض ورا الاوهام...
لكي تنام...
آلامك...أمالك...في موتك مختصرة...
سماؤك، قلب شتائها بالثلج ينذر...
وربيع عمرك عاري الاغصان، لم يزهر...
وكر العصافير به الصغار لم تكبر...
قدر لك مختصر الحروف، في أسطر...
لكي تعبر...
آلامك...آمالك...في موتك مختصرة...
عيناك في ليل الظلمات تبحث ...
عن صوتك الذى يهفو إلى الاهات، بها يهتف...
وسمعك يصغى إلى الآنات به تعصف ...
يدك تجمع المأساة و تمسح دمعك المذرف ...
لكي تعرف...
آلامك...آمالك...في موتك مختصرة...
عشت حياة فى الدنيا...من الحياه هي دنيا...
ركبت البحر و الموج...وهاجرت بلا كنية...
رماك البحر...فى البحر واختار روحك العليا...
فلم تغدو سوى طيفا... يقامر بجلد الحية...
لكي تحيا...
آلامك...آمالك...فى موتك مختصرة...
من حولك... أنت لا ترض المهانة و الجحود...
ممن صاغوك مأتما... ممن خابوا بالوعود...
ممن، من الاسود حاكوا لك خيط الكفن اللدود...
ممن رموك بالخزى...من أنت رميتهم بالجود...
أنت الودود...
في سماء ليلك الحالك ترقب نجما لك يسطع...
سرب الفراش يبحث عن زهر، بحديقة بها يقبع... صوت خرير الماء في الجدول،صمت لم يسمع...
جبالك صداها يردد لحن صوتك الموجع...
فلا تردع...
آلامك...آمالك...فى موتك مختصرة...
وحين حان لقاؤك...بموعد طال بك...
بموعد مع ربك...
أنت الذى...كنت ترى...بعيدة أحلامك...
بعيد نور شمسك...
صرت من الدنيا خيال...من الالام لا تبال
فحلمك...بموتك...نال المنى...
وأنت قد نلت المنال...
آمالك...آمالك...فى موتك انتصارات مظفرة...


بعد مشادات كلامية مع موظف المركز...إثر سقوطى الحر على الارضية الباردة...
وبعد تدخل رجال الحماية المدنية ...قرار التشريح و الطبيب الشرعى : " سكتة دماغية"... ما الذى يمكن أن يصيبنى أسوأ من موتى...أنا من كان حيا ميتا...أنا من كان يعيش بين الاموات...أنا الحي الذى لم يحيا...
تحياتي إلى جميع الاساتذة المبجلين...منصور يمينة






























































































































>