بقلم أستاذة اللغة الفرنسية
يمينة منصور
متوسطة بوعافية
حاسي بحبح (الجلفة) الجزائر

رسالةً مجنونة...إلى "الشام"...

جاء فيها:"

من "دَليلة" إلى "شَمْشُون"

من بقايا الشظايا إلى بقايا الضحايا...
من قِطع الأطفال إلى قِطع الصَبايا...
من "يَاسِرِِ العَظْْْمَة" إلى انعكاس "المَرَايَا"...
من أهالي العزة و الكرامة إلى حصار الزوايا....
من أهالي "الغوطة" إلى أهل "الراية"...
قصة يحكيها ا لحكَوَاتي في رواية...

من بغداد إلى دمشق...

من ألوانٍِ و محفظةٍ إلى أصابعَ مبتورة...
من بقايا د يَار إلى شوارع مهجورة...
من بقايا حياة إلى حياة مهدورة...
من الغصَات إلى الزخات...
من الشمل إلى الشَتَات...

من بَلادَةِ الحروب إلى إبادة الشعوب...

ومن الذُهول إلى وَقْعِ مطرقةٍ على صوْمَعة...
من الغروب إلى الغروب...
من الهزيع إلى الرضيع على ثَديِ مُر ضِعة...
سَحقَََتْ حليبَها الصَوْمعة...
ومِن حوْلِ الرضيع لا حوْلَ و لا مَرتَعا...

من العرَاء إلى العزَاء ...

من عَبَقِ الياسمين إلى روحِ الشام...
و ما تبقى من الحارات و الجارات و الأحلام...
وما تبقى من دواوين عشقٍ" لنزار"تُلهم الإلهام ...
من أغاني الحب و من أكوام النار والغبار و الأوهام...

من" بان كىمون" إلى مُنظمة "اتركوهم فيما بينهم، يَتقاتلون" ....

فمَن حَرْبُهُم على الطاولاتَ، ليسوأ كَمَن يُُنثَرُون فُُتات...
من يَزرعون ذُعرَ المنَايا، مُتَيَمٌ جَمْعُهم بعشقِِِِ الحياة...
كأن فَحَسْبُ لَهُم وُجِدَ الكونُ هذا و تلك النِعم و تلك الجنات...
فهم خُلقوا من ماء و طين، يغطي الثَرى قبحهم بعد حِين...

من الأُُنْس إلى السَعير...

من دفا ليالِ صيفٍ إلى شتاءٍ قارسِ البردِ مَطير...
من شروق شمسٍ حالمةٍ إلى حُلكة ليلٍ أسير ..
من خراب في" الحَسَكَة" و "بِديرِ الزِور" ترويعٌ و تهجير…
من قراءةٍ لآيةٍ و ترتيلٍ للأسفَار إلى لعنةٍ وشَتاتٍ وتدمير...
من بُقعة الشايِ على النافورة إلى حُفرٍ و كُربٍ و تَعتير...

من زهر الليمون إلى عبير الرَيْحان ...

رسالةٌ تُقْرِؤُكَ ذكرًى للحب و للسلام و للنعيم...
جرُحكَ هو بِذاتِ العُمقِ جرحٌ يُدمي جسدي المُصْقَعِ السقيم ...
لوعةُ الشوقِ وَسْطَ الحنايا ، نارٌ تنخُر ما تبقى من الهَشيم...
بأي سوادٍ تكتحلُ العينُ الذاوية؟
و بدل الدمع هل تبكي دمًا أم تبكي الحنين؟...
بأي لعنةٍ سوف أُلقي على من أَثْكلوا وطنا و رمَوْهُ في الجحيم؟...
فطيور السنونو قد هاجرت و سافرت مع السلام، مع المستقبل،
والحاضر و الماضي و مع صغائر الأحلام...
ومع كل الأغنيات ومع كل الترانيم...



من ضِيق الأفْقِ إلى جُبْنِ الحروب....


أخذوا زهر الشباب و أحرقوا شجر الزيتون...
دفنوا الآمل بالتراب و أباحوا الضربَ بكفِ المَنون...
التهموا روحَ الشيوخِ و البنات واستباحوا أرواح البنون...
لَما أبادوا شعبا طيبا، وقف الآخرون كما في الملاعب يتفرجون...
فالحرب هي لعبة، فيها الذئاب تستبيح دم الحملان وتستبيح المنون...
و ليس فيها من غالب، سوى أرواحٍ غاضبةٍ،
تُقدم في سخريةٍ، قرابيناً في صُحون...



من ورقةٍ و ظرفٍ...إلى أمي الحَنُون...

من بقايا أمي إلى لوعةٍ تَتَأَجَجُ نارا بين الضلوع...
من بقايا أختي أكتب سيلا يذرف نهرا للدموع...
من بقايا أترابي أسافر في سفينة "نوحٍ" للخلاص...بلا رجوع...
من بقايا حبيبة أُذِلَت، أقسمت بالموت ولم أقسم لأجلها بالخضوع...
من بقايا حياة...أهرب إلى الموت، عسى فيه الملاذ وفيه شمس و بزوغ...

من ورقة و ظرف...إلى وَلَدي...

صغيرٌ بيدِه يحمل نعشًا ...و صندوقا يحمله من خَشَب...
صغيرٌ لرخصتهِ يحمل اسماً و يحمل مدرسةً و كُتب...
و يَمْْْْْسحُ عن عينِي دمعِي أنا، و تَمسحُ عينِايََ عنه التُرَب...
يُلَفُ في خرقةٍ باليةٍ، يُعاتب ذُعري و يسألني:" "يَاِبي" ما السَبب؟"
ويُدفن، وتُدفن معه أحلام طفولته... وتدفن معه الكتب...





من ورقة و ظرف إلى أبي الحنون...

من بقايا عظامك صنعتُ بيتاً...
ومن شَعر لحيتك صنعتُ حبلاً...
ومن رعشة يديك صنعتُ عاصفةًً...
لأجُر بالحبل البيتَ و ارميهِ في قلبِ ا لعاصفة...
فمن الآن و صاعدا لا بيتَ لي سوى بيتٌ...
يسكنه ملك الموت... و ملك الموت يقول لكم جميعاً:
"كُفوا،كُفوا... اتركوا الحياة تَحيا ،اتركوها تعيش..."

وبعد التعازي، السلام ختام و الختام سلام..."

« La guerre est le témoin arrogant de l’absurdité et de l’insatiabilité du commun des mortels. L’homme est la créature la plus animalement et la plus instinctivement douée, pour être la plus féroce et la plus sanguinaire, parmi tous les prédateurs...»
M y

Yamina Mansour
Hassi Bah Bah ( Djelfa)
LE 06/ 08/ 2012