قَبْلُ...و بَعْدُ…



بقلم يَمِينَة منصور
                                            أستاذة مادّة اللّغة الفرنسية                      

            متوسطة بوعافية (حاسى بحبح) ولاية  (الجلفة) الجزائر



هُناك...عند تقَاطُع الأبْعَاد
تَقِف الحقيقةُعاريةً، مُنْزَوِيةً، ورَاء الوَهْم...
تَفْرُك عَيْنيْهَا  عَن بَقايَا ذُهُول...ْ
فتَسيل الأحْرُف علَى الأوْرَاقْ،
تََكتُب  بحُمْرَة الدّمِ الذِي يُرَاق:
"لِيَجْرِي الزّمَان بِعكس الزّمَان،
ولْيُغْمَى علىَ الأرْض في أَرضِهَا،
ولْيَشرَب البحر مِن مِلحِهِ،
ولْيَغْمُر التِّيهُ امْتِدَادَ  الْفَيَافي،
وَليَلتَهم الرّمْل ظِلال القَوَافِلْ،
وَليَجْرِف  الرمل جميع النِّعَال..."

هُنَاك... عند تَقاَطُع الأَنفَاسْ...
يَقْبَعُ الأّلَمُ جَاثمًا علَى الحيَاةْ
يَمْسَحُ بالمَاضِي، سَطْحَ البِلاَط
يَجّرُ وَرَاءَه مِرْسَاة الْخَيْبَات...    
ويُسْقِط الحَاضِر، مِن عَلا...لَبِنَات    
ويَمْسَح عَن أنفِه بَقَايَا مُخَاط  
لِكَيْ يَتنفّسْ...
فَتَنْزَوِي الصَرْخَةُ في حَلْقِهاَ...
وتَغْرَق المُقْلة في دَمْعِهَا
ويَعْتَمِرُ السّلمُ وِشَاح العزاء ...
ويَرتدى ثوبَ السواد ِالطويل،
يُعّزِي الحياةَ بموتِ الحَيَاةِ،
ويدفنها د ونما كفنٍ أوصَلاَه...  
وتَسْتَشْري نارٌ كَسَيْلِ الحِمَمْ،
وتأكل حتىّ النُخَاعَ، الْحَجَرْ،
وقد تَخْجَلُ النّارُ مِن قُبْحِ فَِعْلٍ،
وتَحْمّرُ مِنْ جُلّ مَا أَضْرَمَتْ...      

هناك... عند تَقَاطُع الْمسَافَات...
يَقِفُ التَارِيخُ منتكِسا يُعيِد كِتاَبَة السُطور..
... يَقِفُ مُعْتَلاّ...صَارخاً من تحت الَقَبُور...
فَتكْسِرُ المِرْآة انْعِكَاسَاتِهَا...
وتُعلِّقُ الذّاكِرَة إلى الأمْسِ،  يوْمياتِها...
وتُوصِدُ بالصّمْت عَلى نَفسِهَا...
ويَرْمِي الشّتَاءُ بِزَهْر الرّبِيعْ فِي نَار الصَقِيعْ،
و تَرْمِي السّنُون بأَعْدَادِهَا،
وتَخْتَزِل العُمُر في وَقفَةٍ حَائِرَة...
وتَقْذِف بالصّفْر فِي الدّائِرَة...

هناك... عند تََقَاطُع السَرَابْ...
يَقِفُ الحُلُمُ صَارِخاً، مُتَعّثرَا...
و يكبُرُ حتىّ يصير لُغْمًا مُتفجرَا...
و يُسْدَل عليه سِتَارُ المسَارح الغابرَة ...
و يَسْقِي الأيّامَ بِوَحْل البِرَكْ،
و يَعْبَثُ بالحُلْم مِثل الكُرَة...
و لَيْسَ يُعَكّرُ صَفْوَ السُبَات سِوَى
يَقْظَةٌ، تَهّزُ الباَبَ بِقَبْضَة يَدٍ جَائِرَة:
"إِيْ... أنْتَ...قُمْ أيّهَا النَكّرَة"


هناك عند تقاطع الدّرُوبْ...
يَسْتلْقى الدّرْب تحت المُشَاةْ...
تُدَغْدِغُ حَوافِرُهُ المَسَافَاتْ...
وتروي النِّعَال حَكَايَا المُشَاة...
مَزِيجٌ مِنَ الخَيْبَة و اللاّمُبَالاَةْ
و تضحك النُكْتَة مِن قَاصّهَا:"
 اللّيل والحَرْب و الدُخّانْ؟
جوعٌ، ألم، قيامة وطُوفَانْ؟...
 سِيّانَ...سِيّانْ..."
فقد جَرَف السّيل كُل المُشَاة
وبات الطّريق وحيداً، وَحِيد
تَحُومُ عليه أطيافُ النّسْيَانْ...
وتَطْْوِي صَفْحَات مِن مَاضٍ، قدْ كَانْ...

هناك عند تقاطع الأُحْجِيَات...
يَجلسُ العقل هَرِمًا، مُسْتفْهِما في دَهْشَة،
بيدِه عَصًا، وبِيد سبحةً تَهزُّهاُ الرَّعْشة...
َتبْسُط مِن الألَم لَه نَعْشَا...
وتَسْنُدُ ظهْرَه،ُ عظامُه الهَشّة ...
تَتَسَألُ:" بحقّ السّمَاء...هل من نهاية للنَفَق…للْعَمىَ؟  ... "
وتَنْفَرِط حَبّات السّبْحَة مُنْدَثِرَة...
لقد خَانتْها خُيوطُها الّرثَة...
ويجثوُ الشيخُ على الثَرَى...
يمسَحُ بدَمِه وجه الثَرَى...
تُُقّبِل يدُهُ حبّاتِ الثرَى...  
فلم يَعُد المَوتُ، بعد يَخْشَى الحَيَاة ...
لِمن، من قبلُ... أرضُهُ قدَ وُئِدَتْ بالحَيَاة...  
 
هناك عند تقاطع النُوتَاتْ...
 
يَمُوتُ النّبْض في قَلْب الحِدَاد المُزْمِنْ...
و تنطفئ الشّعْلَةُ، في مَوْكِب الظلُمات ...
تنشَطِر ُشَظايَا العَوَاصِف المَاضِيَات، العَائِدَاتْ
ولَيسَ يَتبّقَ منَ القلب المُمّزَق... سِوَى
قطعة  حَمْرَاءُ مُضَرّجَة بالأسىَ و الدّماءْ...
تَعزِف مَقطُوعة صامِتَة للَحْنٍ، اسْمُه:"اغْتيَال الحَياة..."
هناك عند التقاء النِهَايَات

جُنّ الصَيْف، فَأَحْرَق عِطْر اليَاسَمينة،
وحَبَس الفِرعَوْن النيل في قِنّينَة،
وحَفَرَت "كَرْبَلاَء" قُبُورا لكل المّارِينَ...
و عَزَفَت الرّيحُ الرّبيعَ لَحنًا حَزِينَا،
وهامَت الأرواحُ، تائهةً،  بِجُزُر الوَاق وَاق...
ولاَذ الوُجُود فِرَارا يَبحَث عَن بَقاَيا، إخوَة وَ رِفَاق...
هناك عند الْتِقَاء الأشْلاَء...
تروي " العُيُون " عَمىَ العُيُون...
وتروي الشّفَاهُ صَمْت ،مَن يُؤّرِخُون الجُنُون...
وتَرْثي القُلوبُ لوْعَات المَنَايا...
وتحكى النِّعَال حَكَايَا النّعَال...
 وتَبْحَثُ فيِ الفَوْضَى عَن أَقْدَامِهَا...
 


Mansour  Yamina
CEM de Bouafia
Hassi Bah Bah
W de Djelfa
Algérie

Le 03/05/2013
إلى "نهار ناديا"...مع أصدق و أجمل التمّنيات...